Arsip

Archive for the ‘النَّوَويَّة’ Category

الكتاب التصوف

29/03/2010 Komentar dimatikan

بسم الله الرحمن الرحيم

تفريغ مادة

الصوفية وطرقها

لفضيلة الشيخ: ممدوح الحربي

-حفظه الله تعالى-

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.. وبعد
أحيّيكم إخواني في الله بتحية الإسلام وتحية أهل الجنة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأسأل الله تعالى كما جمعنا في هذه الدنيا على طاعته أن يجمعنا في الآخرة في جنته بجوار الحبيب الخليل محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
ونتكلم هذا اليوم عن الصوفية وطرقها، وحديثنا سيكون بإذن الله تعالى تحت العناصر التالية:
1- تعريف التصوف
2- نشأة التصوف
3- طبقات الصوفية
4- أشهر الشخصيات الصوفية
5- مصادر التلقي عند الصوفية
6- عقائد الصوفية
7- المدارس الصوفية
8- أشهر الطرق الصوفية
9- الصوفي مع شيخه
10- الديوان الصوفي
11- الذكر الصوفي
12- الصوفية والزواج
13- الصوفية والجهاد في سبيل الله
وفي الختام أقوم بتلخيص المحاضرة

فأقول وبالله التوفيق والسداد
التصوف:
حركة دينية انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري وذلك كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وإلى شدة العبادة تعبيرًا عن ردة الفعل المعاكسة للانغماس في الدنيا والترف الحضاري ، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقًا مميزة معروفة بطرق الصوفية.
ويقوم المتصوفة بتربية النفس والسموّ بها وذلك بُغْيةَ الوصول إلى الله تعالى عن طريق الكشف والمشاهدة والإلهامات وليس عن طريق اتباع الوسائل الشرعية التي جاءت من الكتاب والسنة، ولهذا فإن الصوفية أخذوا هذا المنهج المخالف للكتاب والسنة حتى تداخلت طريقتهم مع الفلسفات الوثنية القديمة كالفلسفة الهندية والفلسفة الفارسية واليونانية وغيرها.
ويلاحظ أن هناك فروقًا جوهرية بين مفهومي الزهد والتصوف، أهمهما :
أن الزهد: قد جاءت به السنّة المطهرة
أما التصوف: فهو ميل عن طريق الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام من بعده رضوان الله عليهم .

أما نشأة التصوف:
– فخلال القرنين الأولين ابتداءً من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين حتى وفاة الإمام الحسن البصري رحمة الله عليه لم تُعرف الصوفية لا باسمها ولا برسمها ولا بسلوكها، بل كان المسمى الجامع هو المسلمين أو المؤمنين أو بعض المسميات الخاصة مثل الصحابي أو البدري أو أصحاب البيعة أو التابعين ، ولم يَعرف ذلك العهد هذا الغلو التعبدي أو الاعتقادي إلا بعض النزعات الفردية في التشديد على النفس الذي نهاهم عنه النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من مناسبة ، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم للرهط الذين سألوا عن عبادته صلى الله عليه وسلم وكأنهم تقالّوها ، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: ((لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام وأتزوج النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني)) وقوله صلى الله عليه وسلم للحولاء التي طوقت نفسها بحبل حتى لا تنام عن قيام الليل كما في حديث عائشة رضي الله عنها قال صلى الله عليه وسلم: ((عليكم من العمل ما تطيقون فإن الله لا يملّ حتى تملّوا وأحبّ العمل إلى الله أدومه وإن قلّ ))
وهكذا كان الصحابة والتابعين وتابعيهم على هذا المنهج يسيرون، يجمعون بين العلم والعمل، والعبادة والسعي على النفس والعيال، وبين العبادة والجهاد في سبيل الله والتصدي لأهل البدع والأهواء، مثلما تصدى ابن مسعود رضي الله عنه لبدعة الذكر الجماعي في مسجد الكوفة وقضى عليها وتصديه لأصحاب معضد بن يزيد العجني لما اتخذوا دُورًا خاصة للعبادة في بعض الجبال وردّهم عن ذلك رضي الله عنه.
– حتى جاء القرن الثاني الهجري في عهد التابعين وظهرت طائفة من العباد آثروا العزلة وعدم الاختلاط بالناس فشددوا على أنفسهم في العبادة على نحوٍ لم يُعهد من قبل
بسبب:
1- بعض الفتن الداخلية وما حصل من المسلمين من إراقة الدماء الزكية ، فآثر هؤلاء العباد اعتزال المجتمع طلبًا للسلامة في دينهم
2- يُضاف إلى ذلك أيضًا فتح الدنيا أبوابها على المسلمين، وبخاصة بعد اتساع الفتوحات الإسلامية وانغماس بعض المسلمين فيها وشيوع الترف والمجون بين طبقة السفهاء
مما أوجد ردة فعل عند بعض العباد، وبخاصة في البصرة والكوفة إذ كانت بداية الانحراف عن المنهج النبوي هناك.
ففي الكوفة مثلا ظهرت جماعة من أهلها اعتزلوا الناس وأظهروا الندم الشديد بعد مقتل الحسين بن عليّ رضي الله عنهما ، وسموا أنفسهم بالتوابين أو البكائين، كما ظهرت طبقة من العبّاد غلب عليهم جانب التشدّد في العبادة والبعد عن المشاركة في مجريات الدولة مع علمهم وفضلهم والتزامهم بآداب الشريعة واشتغالهم بالكتاب والسنة تعلمًا وتعليمًا بالإضافة إلى صدعهم بالحق وتصديهم لأهل الأهواء، كما ظهر فيهم الخوف الشديد من الله تعالى والإغماء والصعق عند سماع القرن أي أن الواحد منهم إذا سمع القرآن يغمى عليه ويغشى عليه؛ مما جعل بعض الصحابة رضوان الله عليهم وكبار التابعين ينكرون عليهم كأسماء بنت أبي بكر وعبد الله بن الزبير ومحمد بن سيرين ونحوهم رضي الله عنهم، وبسببهم شاع لقب العبّاد والزهّاد والقرّاء، هذا الألقاب بدأت تنتشر في تلك الفترة
ومن أعلامهم: عامر بن عبد الله بن الزبير وصفوان بن سليم وطلق بن حبيب العنزي وعطاء السلمي والأسود بن يزيد بن قيس وداود الطائي وبعض أصحاب الحسن البصري
– ثم بدأ الانحراف حيث بدأ يتسع مع مرور الأيام وتطور مفهوم الزهد في مدينة الكوفة والبصرة في القرن الثاني للهجرة على إيدي كبار الزهاد مثال: إبراهيم بن أدهم ومالك بن دينار وبشر الحافي ورابعة العدوية وعبد الواحد بن زيد إلى مفهوم لم يكن موجود عند الزهّاد السابقين من تعذيب للنفس بترك الطعام وتحريم تناول اللحوم والسياحة في البراري والصحاري وترك الزواج، وفي الكوفة كذلك أخذ معضد بن يزيد العجني هو وأتباعه يروضون أنفسهم على هجر النوم أي: يتركون النوم تعبدًا، وإدامة الصلاة حتى سلك سبيلهم مجموعة من زهاد الكوفة، فأخذوا يخرجون إلى الجبال لكي ينقطعوا للعبادة على الرغم من إنكار الصحابي الجليل ابن مسعود عليهم، وعندها فشا هذا الأمر وانتشر بين البلدان والأمصار ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.

ننتقل الآن إلى طبقات الصوفية، الصوفية لها طبقات ودرجات:
فالطبقة الأولى:
وهي تمثل التيار الذي اشتهر بالصدق بالزهد إلى حدّ الوسواس والبعد عن الدنيا والانحراف في السلوك والعبادة على وجه يخالف ما كان عليه الصدر الأول من الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله عليهم
ولكنه كان يغلب على أكثرهم الاستقامة في العقيدة، كانوا مستقيمين في العقيدة والإكثار من دعاوي التزام السنة ونهج السلف، وإن كان ورد عن بعضهم مثل الجنيد بعض العبارات التي أعدها العلماء من الشطحات، وهو من أشهر رموز هذا التيار وهذه الطبقة
وهناك آخرون جاءوا في هذه الطبقة أمثال سليمان الداراني وعبد الرحمن بن أحمد بن عطية العَنّيّ وأحمد بن أبي الحواريّ والحسن بن منصور بن إبراهيم أبو علي الشطويّ الصوفيّ وسريّ السقطي وسهل بن عبد الله التستري ومعروف والكرخي
وقد أتى من بعدهم من سار على طريقتهم مثل عبد الرحمن السلمي ومحمد بن الحسين الأسدي ومحمد بن الحسن بن الفضل بن العباس أبو يعلى البصري الصوفي وهو شيخ الخطيب البغدادي.
من أهم السمات لهذه الطبقة :
هو بدايةً: التميز عن جمهور المسلمين والعلماء، في مصطلحات تدل على ذلك بشكل مهّد لظهور الطرق بعد ذلك مثل قول بعضهم: علمنا أو مذهبنا أو طريقنا .
كثرت بين هذه الطبقة هذه الألفاظ التي تميزت بينهم وبين فقهاء المسلمين في ذلك الوقت حيث كان الواحد منهم يقول: علمنا أو مذهبنا أو طريقنا، أو مثلاً مثل قول الجنيد: “علمنا مشتبك مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم” اهـ
بل قد اشترطوا على من يريد السير معهم في طريقتهم أن يخرج من ماله وأن يقل ّمن غذائه وأن يترك الزواج ما دام في سلوكه أي: في طريقته، كما كثر بين هذه الطبقة وهي الطبقة الأولى من طبقات الصوفية الاهتمام بالوعظ والقصص مع قلة العلم والفقه في الدين، بل والتحذير من تحصيله في الوقت الذي اقتدى أكثرهم بسلوكيات رهبان ونسّاك أهل الكتاب، إذ حدث الارتقاء لبعضهم مما زاد في البعد عن سمت الصحابة الأطهار رضوان الله عليهم وعن سمت الأئمة من أئمة التابعين رضوان الله عليهم ، كما نتج عن ذلك اتخاذُ دورٍ للعبادة غير المساجد يلتقون فيها للاستماع للقصائد الزهدية أو قصائد ظاهرها الغزل بقصد مدح النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الأمر سبب العداء الشديد بين هذه الطبقة وبين فقهاء الإسلام رحمة الله عليهم .
كما ظهرت فيهم ادعاءات الكشف والخوارق وبعض العادات وبعض المقولات التي عرفت عند أهل الكلام.
وفي هذه الفترة ظهرت لهم تصانيف كثيرة،مثل الكتاب المسمى ب(قوت القلوب) لأبي طالب المكيّ ، وكتاب (حلية الأولياء) لأبي نعيم الأصبهاني وكتاب الحارث المحاسبي أي له كتب كثيرة.
وقد حذّروا العلماء الأوائل من هذه الكتب لاشتمالها على الأحاديث الموضوعة والمنكرة، واشتمالها على الإسرائيليات وأقوال أهل الكتاب، حيث سئل الإمام أبو زرعة عن هذه الكتب ، فقيل له: هل في هذه الكتب عبرة؟ فقال رحمة الله عليه تلك القولة المشهورة: “من لم يكن في كتاب الله عزّ وجلّ عبرة؛ فليس له في هذه الكتب عبرة” فرحمة الله على الإمام أبي زرعة ورحمة الله على أهل الحديث.
أما الطبقة الثانية من طبقات الصوفية:
فقد خلطت هذه الطبقة الزهد بالعبارات الباطنية، وانتقل فيها الزهد من الممارسة العملية والسلوك التطبيقي إلى مستوى التأمل التجريدي والكلام النظري.
ولذلك ظهر في كلامهم مصطلحات شاذة وغريبة لم تكن معروفة قبل ذلك مثل: الوحدة، الفناء، الاتحاد، الحلول، السُّكر، الصَّحو، الكشف، البقاء، المريد، العارف، الأحوال، المقامات، ألفاظ كثيرة لم تكن معروفة، وشاع بينهم التفريق بين الشريعة والحقيقة وتسمية أنفسهم أرباب الحقائق وأهل الباطن، وسمَّوا غيرهم من فقهاء المسلمين بأهل الظاهر والرسوم؛ مما زاد العداء بينهم وبين علماء الشريعة الربانيين، وغير ذلك مما كان غير معروف عند السلف الصالح من أصحاب القرون الأولى المفضلة، ولم يكن معروف كذلك عند الطبقة الأولى من المنتسبين إلى الصوفية؛ مما زاد في انحرافها؛ فكانت بحق تمثل البداية الفعلية لما صار عليه تيار التصوف الآن من انحراف وبدع وخرافات.
ومن أهم أعلام هذه الطبقة أبو يزيد البسطامي وذو النون المصري والحلاّج وأبو سعيد الخزّار والحكيم الترمذي وهو غير الإمام الترمذي صاحب السنن رحمة الله عليه، وكذلك من أعلام هذه الطبقة أبو بكر الشبلي.
أما الطبقة الثالثة من طبقات الصوفية:
هي الطبقة التي خلطت التصوف بالفلسفة اليونانية وظهرت أفكار وعقائد منحرفة عليها كالحلول والاتحاد – عياذًا بالله – ووحدة الوجود أي: أن الموجود الحق هو الله، ومعنى الحلول والاتحاد: أي: أنهم يعتقدون أن الخالق اتحدّ مع المخلوق – عياذًا بالله – وأن الخالق حلّ في المخلوق – عياذًا بالله – ، وهذه الأقوال توافق تمامًا ما تقوله الفلاسفة الملاحدة .
كما أقرت هذه الطبقة بظهور نظريات تسمى ب( نظرية الفيض والإشراق) على يد أبي حامد الغزّاليّ والسرهوردي
وبذلك تكون هذه الطبقة من أخطر الطبقات والمراحل التي مرّ بها التصوف والتي تعدّت به مرحلة البدعة العملية إلى البدعة العلمية الاعتقادية والتي بها يخرج التصوف عن الإسلام بالكلية.
طبعًا من أشهر رموز هذه الطبقة الحلاّج والسرهوردي وابن عربي، طبعًا ابن عربي وهو غير الفقيه المالكي ابن العربي وابن الفارط وابن سبعي .
إما إذا انتقلنا إلى أشهر الشخصيات الصوفية، فأشهرهم أبو حامد الغزالي
وهو محمد بن محمد بن أحمد الطوسي، المُلقب بحجة الإسلام، ولد بطوس من إقليم خراسان، نشأ في بيئة كثُرت فيها الآراء والمذاهب مثل علم الكلام والفلسفة والباطنية والتصوف، مما أورثه حيرةً وشكًا دفعه لتقلب بين هذه المعتقدات الأربع السابقة وذلك أثناء إقامته في بغداد، ثم رحل إلى جُرْجَان ونيسابور ولازم نظام الملك، ودرس في المدرسة النظامية في مدينة بغداد، واعتكف في منارة مسجد دمشق، ورحل إلى القدس ومنها إلى الحجاز، ثم عاد إلى موطنه.
• وقد ألف الغزالي عدد من الكتب منها:
– كتاب تهافت الفلاسفة
– وكتاب المنقذ من الضلال
– وأهمها كتابه إحياء علوم الدين.
• ويُعدّ الغزالي رئيس مدرسة الكشف في المعرفة التي تسلمت راية التصوف من أصحاب الأصول الفارسية إلى أصحاب الأصول السنية.
• ومن جليل أعماله هدمه للفلسفة اليونانية، وكشفه لفضائح الباطنية في كتابه فضائح الباطنية.
ويحكي تلميذه عبد الغافر الفارسي آخر مراحل حياته بعد ما عاد إلى بلده طوس، قائلاً:
وكانت نهاية أمره -أي عن الغزالي- وكانت نهاية أمره إقباله على حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومجالسة أهله، ومطالعة الصحيحين البخاري ومسلم اللذين هما حجة الإسلام. أهـ
وقد كان يمثل القرن السادس الهجري -إخواني في الله- البدائية الفعلية لطرق الصوفية.
في بداية القرن السادس الهجري بدأت تنتشر وتتفرع وتتشعب الطرق الصوفية وتنتشر في بلاد المسلمين، إذ انتقلت من إيران إلى المشرق الإسلامي.
• فظهرت الطريقة القادرية المنسوبة لعبد القادر الجيلاني، وهذا الرجل رُزق بتسع وأربعين ولد، حمل أحد عشر منهم -من أبنائه- تعاليمه ونشروها في العالم الإسلامي.
ويزعم أتباعه أنه أخذ الخرقة والتصوف عن الحسن البصري، على الرغم من عدم لقائه بالحسن البصري،كما نسبوا إليه من الأمور العظيمة فيما لا يقدر عليها إلا الواحد الأحد سبحانه وتعالى من معرفة الغيب، وإحياء الموتى وتصرفه في الكون حيًا أو ميتًا – عياذًا بالله تعالى- بالإضافة إلى مجموعة من الأذكار والأوراد والأقوال الشنيعة افتراءً عليه
-رحمة الله عليه- ومن هذه الأقوال:
أنه قال: في أحد مجالسه قدمي هذه على رقبة كل وليّ لله تعالى.
ومما ينسب إليه كما ينقل أتباعه هذه اللفظة – عياذًا بالله تعالى-:
من استغاث بي في كربة كشفت عنه، ومن ناداني في شدة فرجت عنه، ومن توسل بي في حاجة قضيت له. أهـ
ولا يخفى إخواني في الله ما لهذه الأقوال من الشرك وإدعاء الربوبية، – عياذًا بالله تعالى-
• كما ظهرت الطريقة الرفاعية المنسوبة لأبي العباس أحمد بن الحسين الرفاعي
ويطلق عليها أيضًا البطائحية نسبة إلى قرى البطائح في العراق، ويُنسج حوله كُتَّاب الصوفية كعادتهم الأساطير والخرافات، بل ويرفعونه إلى مقام الربوبية.
كما قال عنه الشعراني في طبقاته:
كان قطب الأقطاب في الأرض ثم انتقل إلى قطبية السموات ثم صارت السموات السبع في رجله كالخلخال.أهـ
وقد تزوج الرفاعي العديد من النساء ولكنه لم يُنجب من الأبناء.
• كما ظهرت شطحات وزندقة السهروردي وهو شهاب الدين أبو الفتوح محي الدين بن حسن، صاحب مدرسة الإشراق الفلسفية
والذي اتهمه علماء حلب في سوريا بالزندقة ؛ لأنه قال بالتعطيل وبقول الفلاسفة مما حدى بهم أن يكتبوا إلى السلطان صلاح الدين الأيوبي محضرًا بكفره وزندقته، فأمر بقتله ردة وإليه تنسب الطريقة، ومن كتبه حكمة الإشراق وكتاب هياكل النور وكتاب التلويحات العرشية وكتاب المقامات.
• كذلك من أشهر الشخصيات الصوفية، رجل يُدعى محي الدين ابن عربي الملقب عند أتباعه ومريديه بالشيخ الأكبر، وهو رئيس مدرسة وحدة الوجود، ويُعدّ عند أتباعه أنه خاتم الأولياء، ولد بالأندلس ورحل إلى مصر وحج وزار بغداد واستقر في دمشق حيث مات ودفن فيها وله فيها قبر يزار ويعبد من دون الله تعالى.
ومن كتبه الفتوحات المكية، وكتاب فصوص الحكم.
• ومن الشخصيات كذلك أبو الحسن الشاذلي، صاحب ابن عربي في وقت طلبهما للعلم، ولكنهما افترقا حيث فضل أبو الحسن الشاذلي مدرسة الغزالي في الكشف، بينما فضل أبن عربي مدرسة الحلاج وذا النون المصري، ولقد أصبح لكلتا
المدرستين أنصارهما إلى الآن داخل الطرق الصوفية المنتشرة في جميع أنحاء العالم،
ومن أشهر تلاميذ مدرسة أبي الحسن الشاذلي:
– أبو العباس المرسي
– وإبراهيم الدسوقي
– وأحمد البدوي المدفون في مدينة طنطا في جمهورية مصر العربية.

كما ظهر في القرن السابع :
جلال الدين الرومي صاحب الطريقة المولولية في تركيا.
وفي القرن الثامن:
ظهر محمد بهاء الدين النقشبندي مؤسس الطريق النقشبندية
ثم عبد الغني النابلسي صاحب كتاب الرؤى والأحلام، وهو مبتدع ضال حيث أنه كان يعتقد بعقيدة وحدة الوجود. –عياذًا بالله تعالى-
ثم جاء أبو السعود البكري، وأبو الهدى الصَّيَّادي، ومحمد الميرغني، وأبو الفَيْض محمد الكِتَّاني الفاسي المغربي، وأحمد التيجاني الفاسي المغربي، وحسن رضوان، وعلي حرازم المغربي الفاسي
ننتقل الآن -أحبابي في الله- إلى مصادر التلقي عند الصوفية
طبعًا هي كثيرة ومتنوعة:
• أول هذه المصادر هو ما يُسمى بالكشف عند الصوفية.
حيث يعتمد الصوفية على الكشف كمصدر وثيق لتلقي الدين والشريعة.
ويدخل تحت الكشف الصوفي أمران: هما:
الأول الكشف من النبي صلى الله عليه وسلم، ويقصدون به أخذ الأحكام الشرعية عنه صلى الله عليه وسلم يَقَظَةً أو منامًا، ومعلوم أنَّ هذا من الضلال البعيد –عياذًا بالله تعالى.
ثانيًا: الكشف من الخضر -عليه السلام- حيث تكثر حكايات الصوفيّة عن لُقياه والأخذ عنه أحكامًا شرعيَّة وعلومًا دينيَّة إضافة إلى أنهم يدَّعونَ أنه يُعلِّمهم الأوراد والأذكار والمناقِب، وكل هذا –إخواني في الله- من تلبيس الشيطان الرجيم على أولئك المبتدعة الضُّلاَّل.
• كذلك من مصادر التلقِّي عند الصوفيَّة: ما يُسمَّى عندهم بـ”الإلهام”
وهو ما يكون من الله تعالى مباشرة وبه جعلوا مقام الصوفي فوق مقام النبي حيث يعتقدونَ أنَّ الوَليَّ يأخذ العلم مباشرةً عن الله تعالى، بينما الرسول أو النبيُّ يأخذه من المَلَك الذي يوحي به إليه.
• كذلك من مصادر التلقِّي عند الصوفيّة: ما يُسمَّى بالهواتف؛
كسماع الخطاب من الله تعالى مباشرةً –عياذًا بالله- ، أو من الملائكة، أو من الجن الصالح، أو من أحد الأولياء، أو حتى الخضر عليه السلام؛ إمَّا منامًا أو يَقَظَةً:
وفي حالة اليَقَظَة: يكون الهتاف –كما يقولون- بواسطة الأذن –كما يعتقدون- وهذا تمامًا يوافق ما تقوله الشيعة الإثنى عشريَّة من الإلهام، ونزول الوحي على قلوب أئمَّتهم الإثنى عشر.
• كذلك من مصادر الصوفيَّة: ما يُسمَّى عندهم: بالإسراء والمعراج،
أي الإسراء والمعراج، لا يُقصَد به الإسراء هو إسراء النبي صلى الله عليه وسلم، لا، إنما يقصدون به: إسراء ومعراج أو الإسراء والمعراج الخاص بالوليّ الصوفي، ويقصدون به عروج روح الولي إلى العالم العلوي والتنقُّل في ملكوت السماء كيفما أراد ذلك الولي الكذَّاب الدَّجَّال، بل ويعتقدون بأن ذلك الولي يأتي من الملكوت السماوي العلوي بشتَّى العلوم والأسرار، وهذا إخواني في الله من الكذب والدَّجَل الذي لا يُصدّقه مَن آمن بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولاً.
• كذلك من مصادرهم: ما يُسمُّونه بالرؤى والمنامات،
وتُعَد هذه الرؤى وهذه المنامات من أكثر المصادر اعتمادًا عليها في الفِكر الصوفي وفي المعتقد الصوفي، حيث يزعمون أنهم يتلقَّوْنَ فيها بعض الأحكام الشرعيَّة عن الله تعالى مباشرة –عياذًا بالله- ، أو عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن شيوخ الطرق الصوفية بعد مماته، وكل هذا طبعًا عن طريق الرؤى والمنامات، وهذا من الضلال الذي لا ضلال بعده –عياذًا بالله تعالى-.
ننتقل الآن -أحبابي في الله- إلى: عقائد الصوفيَّة:
حيث تتشابه عقائد الصوفية وأفكارهم وتتنوَّع بتنوع المدارس والطرق الصوفية ويمكن إجمالها في الأمور التالية:
 يعتقد المتصوفة في الله تعالى بعقائد عدة:
• منها الحلول عياذا بالله تعالى،
أي أن الخالق يحل في المخلوق عياذا بالله تعالى وهو مذهب الحلاج الذي يقول بأن الله حل في خلقه عياذا بالله تعالى.
• ومنهم من يعتقد بوحدة الوجود وهو عدم الانفصال بين الخالق والمخلوق عياذا بالله تعالى .
• ومنهم من يعتقد بعقيدة الأشاعرة والماتريديه في ذات الله وأسمائه وصفاته،

 أما غلاة الصوفية: فيعتقدون في الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك عقائد شتى:
• فمنهم من يزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصل إلى مرتبة شيوخهم لأنه كان جاهلاً بعلوم المتصوفة عياذا بالله تعالى،كما نقل عن البسطامي قوله:”خضنا بحرا وقف الأنبياء بساحله” عياذا بالله تعالى،
• ومنهم من يعتقد أن الرسول هو قبة الكون الذين غلوا في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، طائفة منهم تعتقد أن محمد أشرف البشر وأطهر البشر صلى الله عليه وسلم أنه قبة الكون وهو الله المستو على العرش
• وأن السموات والأرض والعرش والكرسي وكل الكائنات خلقت من نوره
• وأنه أول موجود. وهذه عقيدة شيخهم ابن عربي ومن تبعهم على الطريقة،
• ومنهم من لا يعتقد ذلك بل يرده، ويعتقد ببشريته و رسالته صلى الله عليه وسلم لكنهم مع ذلك يتوسلون به صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى على وجه يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة.

أما عقائد الصوفية في الأولياء: فتعتقد الصوفية عقائد شتى كذلك:
• فمنهم من يفضل الولي على النبي تماما كما تعتقد الشيعة الأمامية في أئمتهم
• ومنهم من يجعل الولي مساويًا لله تعالى في كل صفاته عياذًا بالله تعالى، فهو الولي: يخلق ،ويرزق، ويحي، و ويميت، ويتصرف في الكون، والقارات عياذا بالله تعالى .
كما أن للصوفية تقسيمات في الأولياء، أي أن الصوفية يقسمون الأولياء إلى طبقات:
1- فهناك أعلى الأولياء مرتبة وهو الغوث.
2-ثم يأتي القطب.
3-ثم يأتي الأبدال.
4-ثم يأتي التصنيف الأخير وهم النجباء.
ثم طبعًا كل هؤلاء يجتمعون ديوان لهم خاص في غار حراء،كل ليلة ينظرون في مقادير الخلق عياذاً بالله تعالى من ذلك الضلال.
ومنهم من لا يعتقد ذلك، ولكنهم يجعلون الأولياء وسائط بينهم وبين ربهم في حياتهم أو بعد مماتهم أقول وهذا من الشرك العظيم الذي لا يغفره الله تعالى أبدًا إلا بالتوبة.
كذلك يعتقدون أن الدين ينقسم إلى: شريعة و حقيقة.
الشريعة: هي الظاهر من الدين وهي الباب الذي يدخل منه الجميع.
والحقيقة: هي الباطن الذي لا يصل إليه إلا المصطفون الأخيار من الأولياء.
كذلك لابد من التصوف من التأثير الروحي الذي لا يأتي إلا بواسطة الشيخ الذي أخذ الطريقة أو الخرقة الصوفية عن شيخه. طبعاً ولابد من الذكر والتأمل الروحي عند الصوفية، وتركيز الذهن في الملأ الأعلى، وأعلى الدرجات لديهم هي ما تسمى بدرجة الولي.
كما يتحدث الصوفيين عن علم يسمى عندهم بالعلم الَّلدُني، الذي يكون في نظرهم لأهل النبوة وأهل الولاية كما كان ذلك للخضر عليه السلام إذ أخبر الله تعالى عن ذلك فقال: (وعلمناه من لدنا علما).
أما إذا أردنا التفصيل قليلاً في:
عقائد الطرق الصوفية نتوسع قليلاً في الطرق الصوفيه:
فمثلاً: الطريقة الختمية: لها ارتباط فكري وعقدي مع الشيعة، بل إنهم ممن يأخذون من آداب الشيعة ويحاول المعاصرون من شيوخ الطريقة الختمية ربط هذه الطريقة أي: الختمية بالحركات الشيعية المعاصرة، وتعتقد الطريقة الختمية بعقيدة وحدة الوجود التي نادى بها ابن عربي كما يدعي مشايخ الطريقة الختمية بأنهم لقوا الرسول صلى الله عليه وسلم أي التقوا بالرسول صلى الله عليه وسلم ورأوه عياناً، بل يعتقدون أنه يحضر احتفالاتهم بمولده -عياذًا بالله تعالى -كما يدعي مؤسس الطريقة الختمية واسمه محمد عثمان المرغني بأنه خاتم الأنبياء، وأنه أعظم من كل الأولياء السابقين.
وللطريقة الختمية بيعة خاصة يردد فيها المريد ما يلي:
“اللهم إني تبت إليك ورضيت بسيدي السيد محمد عثمان المرغني شيخًا لي في الدنيا والآخرة فثبتني اللهم على محبته وعلى طريقته في الدنيا والآخرة.اهـ
طبعًا من الأمور الملاحظة على مشايخ الطريقة الختمية أنهم ينسبون أنفسهم إلى أئمة الشيعة الإثنا عشرية ويعتبرون أنفسهم من سلالتهم كما أن بعض شيوخهم تطاول على الصحابة رضوان الله عليهم تماماً كما يفعل أسيادهم من الشيعة الأمامية الإثنا عشرية.
أما الطريقة التيجانية: فيؤمنون بوحدة الوجود ويقولون بأن مشايخهم يكشف عن أبصارهم فيرون الغيب عياذًا بالله تعالى، ويدعي المؤسس الطريقة واسمه أحمد التيجاني بأنه قد التقى بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة وأنه تكلم معه مشافهه وأنه قد تعلم من النبي صلى الله عليه وسلم صلاة تسمى بصلاة الفاتح لما أغلق ولفظها: اللهم صلى على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، الهادي إلى صراطك المستقيم، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم” اهـ
طبعاً الطريقة التيجانية لهم في هذه الصلاة اعتقادات غريبة تدل على كذبهم منها:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر التيجاني طبعًا حينما التقى به- كذبا وزورا- أي أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر التيجاني شيخ هذه الطريقة بأن المرة الواحدة من هذا الدعاء تعدل قراءة القرآن ستة مرات.
وفي لقاءه الثاني المزعوم بالنبي صلى الله عليه وسلم أخبره بأن المرة الواحدة من صلاة الفاتح تعدل قراءة القرآن ستة آلاف مرة كما ذكر ذلك في كتاب “جواهر المعاني” لعلي الحرازي، إضافة إلى أنه من تلا صلاة الفاتح عشر مرات كان أكثر ثوابا من الذي لم يذكرها ولو عاش ألف ألف سنة، يعني مليون سنة، طبعا أحبابي في لله يلاحظ عليهم أو يلاحظ على هذه الطريقة شدة تهويلهم والتقاعس عن آداء العبادات والتهاون فيها وذلك بسبب ما يشاع بينهم من الأجر والثواب العظيمين على أقل عمل يقوم به الواحد من مريدي هذه الطريقة، طبعا يقول مؤسس هذه الطريقة أحمد التيجاني لأتباعه الجهال أن من رآه دخل الجنة بل ويزعم أن من حصل له النظر إليه في يومي الجمعة والاثنين دخل الجنة وكان دائما يخبر أتباعه الجهال بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ضمن للطريقة التيجانية وأتباعها دخول الجنة بغير حساب ولا عذاب، والذي يبين كذب هذا الرجل وهذه الطريقة أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل لخير الأجيال ولأفضل جيل عرفته البشرية وهم أصحاب الخليل صلى الله عليه وسلم، لم يقل لهم بأنهم قد غفر لكم ما تقدم من ذنوبكم وما تأخر، أو أنكم سوف تدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وهذا يدلل على كذب هذه الطريقة وما يعتقدونه.
طبعا ننتقل للطريقة البريلوية: نحن مازلنا أحبابي في الله في العقائد لم نُعرف الطرق، طريقة طريقة، إنما نحن الآن نتكلم في باب العقائد ونذكر عقيدة كل طريقة على وجه الإجمال وعلى وجه السرعة سننتقل الآن إلى:
الطريقة البريلوية:
• يعتقد أصحابها بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لديه قدرة يتحكم بها في الكون عياذا بالله تعالى.
• كما أن لديهم عقيدة تسمى بعقيدة الشهود: وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم في اعتقادهم حاضر وناظر لأفعال الخلق الآن وفي كل زمان ومكان عياذا بالله تعالى.
• وينكر أصحاب الطريقة البريلوية بشرية النبي صلى الله عليه وسلم بل يجعلونه نورا من نور الله تعالى عياذًا بالله من هذا الضلال و هذا الشرك المبين.
• كذلك يحث أصحاب الطريقة البريلوية أتباعهم ومريديهم على الاستغاثة بالأنبياء والأولياء والصالحين, ومن ينكر عليهم هذا يرمونه مباشرة بالإلحاد وبالكفر, ولِذَا هذه الطريقة غلو شديد في شخصية عبد القادر الجيلاني, وتكفير شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى, بل يصفونه بأنه مختل وفاسد العقل, وكذلك تلميذه ابن القيم رحمه الله, كما أنهم يكرهون الإمام المجدد محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله كرهًا شديدًا ويرمونه بأشنع التهم, وأسوء الألفاظ.
هناك علامة لهذا الطريقة وأتباعهم, يستطيع الإنسان معرفتهم بها, ويميزهم, ومن هذه العلامات التي تعرف بها الطريقة البيرلوية:
* إصرارهم على بدعة تقبيل الإبهامين عند الأذان ومسح العينين بهما, واعتبار ذلك من الأمور الأساسية, ولا يتركها -في اعتقادهم- إلا من كان عدوًا لله تعالى ولرسوله عليه الصلاة والسلام!!.

مدارس الصوفية:
1- مدرسة الزهد.
وأصحابها من النساك والزهاد والعباد والبكائين.
ومن أفرادها:
1. رابعة العدوية.
2. إبراهيم بن أدهم.
3. مالك بن دينار.
2- مدرسة الكشف والمعرفة.
هذه المدرسة هي التي تقوم على اعتبار أن العقل وحده لا يكفي في تحصيل المعرفة وإدراك حقائق الموجودات, إذ لابد أن يتطور المرء بالرياضة النفسية, حتى تنكشف عن بصيرته غشاوة الجهل, وتبدوا له الحقائق جلية واضحة.
وزعيم هذه المدرسة: أبو حامد الغَزَّالي رحمه الله.
3-مدرسة وحدة الوجود.
زعيم هذه المدرسة: محي الدين ابن عربي.
4- مدرسة الاتحاد والحلول.
زعيمها: الحلَّاج.
ويظهر في هذه المدرسة التأثر بالتصوف الهندي وبالديانة النصرانية, حيث يتصور الصوفي في هذه المدرسة أن الله تعالى قد حلَّ فيه عياذًا بالله, وأنه قد اتحد هو بالله عياذًا بالله.
فمن أقوالهم:
أنا الحقُّ وما في الجُّبَّةِ إلا الله!!
وما إلى ذلك من الأقوال التي تنطلق على ألسنتهم في لحظات السّكرِ, كما يقولون: بِخَمْرِةِ الشُّهود.
أشهر الطرق الصوفية:
من هذه الطرق المشهورة والمنتشرة في العالم الإسلامي.
1- الطريقة الجيلانية:
التي تنسب إلى عبد القادر الجيلاني المدفون في بغداد, حيث يزوره كل عام أعداد كثيرة من أتباعه للتبرك به.
2- الطريقة الرفاعية:
التي تنسب إلى أحمد الرفاعي, وهو من بني رفاعة إحدى قبائل العرب, وجماعته يستخدمون السيوف والضرب بالشيش, ودخول النيران في إثبات الكرامات.
قال عنهم الألوسي في كتابه: غاية الأماني في الرد على النبهاني.
(( وأعظم الناس بلاء في هذا العصر على الدين والدولة, مبتدعة الرفاعية, فلا تجد بدعة إلا ومنهم مصدرها, وعنهم مَورِدُها ومَأْخَذُهَا, فذِكْرُهُم عبارة عن: رقص وغناء والتجاء إلى غير الله وعبادة مشايخهم,
وأعمالهم عبارة عن: مسك للحيات, أو كما قال )) أ.هـ.
تتفق الطريقة الرفاعية مع الشيعة في أمور عدّة منها:
إيمانهم بكتاب الجهر، واعتقادهم في الأئمة الإثنا عشر, وأن أحمد الرفاعي هو الإمام الثالث عشر, بالإضافة إلى مشاركتهم الحزن في يوم عاشوراء , وغير ذلك من الأمور المبتدعة الضالة التي لم تثبت لا في كتاب ولا في سنة.
3- الطريقة البدوية:
تُنسب إلى أحمد البدوي، الذي وُلد بفاس في المغرب، ثم حجّ ورحل إلى العراق، واستقر في طنطا في جمهورية مصر العربية حتى وفاته، له فيها ضريح مقصود، إذ يُقام له كغيره من أولياء الصوفية احتفال بمولده سنويًّا يُمارس فيه الكثير من البدع والشركيات والانحرافات العقدية من دعاء واستغاثة وتبرّك وتوسّل يوقع في الشرك المخرج من الملة!
أتباع طريقته منتشرون في مختلف محافظة جمهورية مصر العربية، ولهم فيها فروع: كالبيّوميّة، والشِّناويَّة، وأولاد نوح، والشَّعْبيَّة.
وإشارات هذه الطريقة أو علامتها: هي العمامة الحمراء.
4- الطريقة الدِّسوقيَّة: تُنسب إلى إبراهيم الدُّسوقي المدفون بمدينة دسوق في مصر، ويدَّعي المتصوِّفة أنه أحد الأقطاب الأربعة الذين يُرجع إليهم في تدبير هذا الكون –عياذًا بالله تعالى–.
5- الطريقة الأكبرية: نسبةً إلى الشيخ محي الدِّين بن عربي.
وتقوم هذه العقيدة:
على وحدة الوجود الكفرية الإلحادية.
وعلى الصمت: أي عدم الكلام ما أمكن.
والعزلة والجوع والسهر.
6- الطريقة الشَّاذليَّة: تُنسب إلى أبي الحسن الشَّاذلي، المولود بقرية عمارة قُرب مرسِيَّة في بلاد المغرب، ثم انتقل بعد ذلك إلى تونس، وحجّ عدة مرات، ثم دخل العراق، ومات أخيرًا في صحراء عِذاب بصعيد مصر، في طريقه إلى الحج.
وانتشرت طريقته: في دولة مصر واليمن وكذلك في مراكش وغرب الجزائر، وفي شمال أفريقيا وغربها.
7- الطريقة الباكداشيَّة: والتي كان الأتراك العثمانِيُّون ينتمون إلى هذه الطريقة.
وهي لا تزال منتشرة في ألبانيا.
هي أقرب إلى التصوُّف الشِّيعي منها إلى التصوُّف السُّني.
وقد كان لهذه الطريقة أثرٌ بارز في نشر الإسلام بين الأتراك والمغول غير المسلمين، وكان لها سلطان عظيم على الحُكَّام العثمانيين ذاتهم.
8- الطريقة المَوْلَوِيَّة: أنشأها: الشاعر الفارسي جلال الدِّين الرومي، والمدفون في مدينة قونيا في تركيا، وأصحابه يتميَّزون بإدخال الرقص والإيقاعات في حلقات الذكر.
وقد انتشروا: في تركيا وآسيا الغربية، ولم يبقَ لهم في الأيام الحاضرة إلى بعض التكايا في تركيا، وفي مدينة حلب، وفي بعض أقطاب المشرق.
9- الطريقة النقشبنديَّة: وتُنسب إلى الشيخ بهاء الدين محمد بن محمد البخاري الملقَّب بشاه نقْشَبَنْد.
وهي طريقة سهلة كالشاذلية –من حيث الأذكار والأوراد–.
انتشرت هذه الطريقة: في بلاد فارس، وفي بلاد الهند، وآسيا الغربية.
هناك طُرق كثيرة غير التي ذكرنا كالقنائية، والقيروانية، والطريقة المرابطية، والبشبشية، والسفسية، والمختارية، والخثمية، وغيرها.
لا شك أن كل هذه الطرق –إحواني في الله– طرق بدعية، قد انحرفت عن نهج الكتاب والسنة إلا من رحم ربي.
10- الطريقة القُبيسية: وهي جماعة نسائية صوفية على الطريقة النقشبندية.
وتنسب هذه الجماعة المسماة بالقبسيات إلى امرأة تسمى منيرة قُبيسي، وهي سورية، وقد تخرَّجت من كلية علوم من جامعة دمشق، ثم التحقت بكلية الشريعة، وعُيِّنت مدرِّسة بإحدى مدارس دشق.
كان عمّها من تلاميذ الشيخ أحمد كُفْتارو، مفتي سوريا، وهو الذي أشار عليها بالدخول في الطريقة النقشبندية الصوفية.
من عقائد هذه الجماعة الخاصة بالنساء القول بالحلول ووحدة الوجود، إضافة إلى تعظيم أئمة الصوفية القائلين بهذا القول كابن عربي والحلاج.
ومن عقيدة أتباعها من النساء القُبيسيات بأن شيختهنّ لا يجوز مناقشتها في أي أمر من أمورها، وطاعتها من طاعة الله، وأن حبها من حب رسول الله –صلى الله عليه وسلم– بل إن المُريدة عبارة عن هيكل خلقه الله للتفاني في حب وخدمة الشيخة منيرة! وكلما تفانت التلميذة في حب الآنسة؛ كلما اقتربت من حب الله حتى تصل إلى درجة الكمال وإلى معرفة الله عز وجل، وعندها تنتقل هذه المُريدة من مرحلة العوام إلى مرحلة الخواص، حيث تعرف كل شيء، وتصبح كبقية العارفين بالله ابتداءً من الشيخ محي الدين بن عربي والحلاج وغيرهم من زعماء الصوفية المعروفين، وانتهاءً إلى الآنسة الكبيرة منيرة.
كما أن أتباع هذه الطريقة القُبَيْسِيَّة يقمن بتقبيل يد منيرة القُبيسي ويتسابقن لشرب فضلات كأسها من الماء، ولهذه الطريقة أوراد كسائر الطرق الصوفيّة، فكل مُريدة لها وِرد يومي وهي تقرؤه مرتين: مرة بعد صلاة الفجر ومرّة بعد صلاة العشاء، وذلك بأن تجلس المُريدة متوجِّهة إلى القِبلة، بعد الانتهاء من الصلاة والدعاء، ثم تقول: “اللهم يا مُفَتِّح الأبواب، ويا مُسَبِّب الأسباب، ويا مُقَلِّبَ القلوب والأبصار، ويا دليل الحائرين؛ ثَبِّتْ قلبي على الإيمان”، طبعًا تتخيَّل المريدة أثناء الدعاء شَيْختها والآنسة الكبيرة أمامها عند الذكر؛ لأنها هي التي تربِطُ قلبها بالله –كما يعتقدون-.
والذِّكر يكون عندهم بترديد اسم الجلالة مفردًا (أو مفرغًا) كأن يقولون: “الله، الله، الله” بهذه الطريقة، بعد رفع مُقَدِّم اللسان بسقف الحلق ووضع اليد اليمنى على القلب، مع حركة كف اليد من أعلى إلى أسفل على الجهة اليسرى من الصدر وتتخيَّل بذلك أنها تكنُس الأمراضَ من القلب، وهذه الجماعة –إخواني في الله- تُصَنَّف كجماعة باطِنيَّة من جهة أنها تَلبَس لِباس العمل الخيري ولا تُظهِر كل معتقداتها لكل الناس، ولهنَّ ذِكر يُطلِقونَ عليه الصلاة النَّارِيَّة، تُقرَأ هذه الصلاة النَّارِيَّة بأعداد خاصَّة مثل: أربعة آلاف وأربعمائة وأربعة وأربعين مرَّة في أوقات خاصَّة قراءة جماعيَّة أو فرديَّة وذلك لجلب مصلحةٍ ما أو دفع ضرر ما عن الدعوة القُبَيْسِيَّة، ومن الطريف في هذا التنظيم أو هذه الطريقة أنَّ القُبَيْسِيَّات يعتقدنَ بأنهنَّ قد حَرَّرْنَ الكويت في عام 91 للميلاد بهذه الصلاة النارِيَّة عندما قرؤوها في الشام آلاف المرَّات، وللذكر في هذه الطريقة القبيسية جُملة من الطقوس والهيئات تجعل المريدة تعتزل أهلها أو زوجها في غرفة خاصّة بحجَّة الصلاة والقِيام، كما يتم تَصَيُّد العُضوات الجُدد من خلال إحدى الحفلات أو إحدى الموالد أو العزاءات أو المخيَّمات الدَّعَويَّة، أو إحدى الزَّواجات، أو حتى في مدارس البنات، وعندما يستحوِذْنَ على العضوة الجديدة يقُمنَ بإظهار الاهتمام الشديد المبالَغ فيه، وتطويق كل قادِمة جديدة بالحُبّ ومحاولة حل مشاكلهن ولو كانت مشاكل مادِّيَّة، وكل هذا بحِنكة مُتَمَرِّسة، وهم يتعاملون مع الفَتَيات حسب أعمارهنَّ واحتياجاتِهِنَّ المعروفة لهن.
ونشاط الجماعة وطاعة قيادتها عند القُبيسِيَّات مُقَدَّم على حقوق الوالِدَيْن والزوج والأهل.
والآن إخواني في الله ننتقل إلى:
الصوفي وحاله مع شيخه:
فإنَّ من آداب الصوفيَّة التي يُطالِب مشايخ الصوفيّة أتباعهم المريدين باتباعها تتضمَّن سمومًا قادحة تُهلِك العقيدة الإسلاميَّة، والتوحيد الخالِص، وأخطرُ ما فيها هو:
الاحتفاء بالشيخ وتعظيمه والتحذير من سماع العلم من غيره، أو حتى زيارة العلماء والصالحين، وألا يقرأ كتابًا في العلم إلا بإذن الشيخ، بل إنَّ أكثر المشايخ يطلب من المريد أن يَرِثَ ما تَعَلَّمه من علمٍ قبل أن يُلَقِّنَه العهد والميثاق الصوفي، وقد حدث هذا مع الشَّاذِلي وشيخه ابن بشَيْش، وكذلك مع الشعراني وشيخه الخلاَّص.
إضافَةً عدم الاعتراض على الشيخ ولو أتى فِعلاً حرامًا، أو أقوالاً مخالفة للشريعة، والتوقف عن فعل المعروف إذا أمره شيخه مباشرة.
كذلك فإن المريد الصوفي يُقدِّس شيخه فليس له أن يتكلَّم ولا يأكل ولا يضحك في حَضرَة الشيخ، بل لا يجلس في فِراشه، ولا ينظر في وجهه، وملازمة وِرد الشيخ –طبعًا الوِرد هو الذكر الخاص بكل طريقة والويل لمن تركه فإنه لا يُفلِح أبدًا كما يعتقدون كذلك من احوالهم أن لا يتزوج المريد الصوفي امرأةً رأى شيخه بأنه مائل إلى التزوج بها، ولا امرأة طلقها أو مات عنها وهذه الأمور – أحبابي في الله – تُمثل حقيقة آداب الصوفي مع شيخه؛ لأنها تُشكل نظامًا متكاملا يضمن إحكام كذلك سيطرة الشيخ على المريد فالخطوة الأولى: أن يصد الشيخ عن المريد أسباب تحصيل العلم، فغير مسموح للمريد أن يقرأ كتاب أو يلقى شيخا صالحا أو يحضر مجلسًا ولا يسمع من عالم إلا بإذن الشيخ الصوفي بل هم يقولون للمريدين إن العلم حجاب وعلم ظاهر قشور والعلم الحقيقي الباطني لن يناله المريد إلا بعد أن يسلم نفسه لشيخه الميت بين يدي الغاسل.
أما عقوبة الاعتراض على الشيخ الصوفي فإن هذا من الأمور العظيمة عند الصوفية ولهذا فإن القارئ لكتب التصوف عامة وكتب الكرامات وطبقات المشايخ خاصة؛ يدرك من أول وهلة أن من أبرز أهداف التصوف تحذير المريدين من الاعتراض على المشايخ سواء في حياتهم وحتى بعد مماتهم لذا يقول أبو عبد الرحمن السلمي: “من قال لأستاذه لما لا يفلح أبدا”، ويعرف أبو سهل الصعلوكي التصوف: “التصوف: الاعراض عن الاعتراض” ولهذا فقد تأصل في وجدان الصوفية مفهوم من اعترض انطرد وليس الطرد المقصود هو إخراج المريد من أمام شيخه أي من بيت شيخه أو حتى من طريقته وإنما الأمر أخطر من ذلك بكثير فهو في حقيقته قريب من الطرد الكَنَسِي والحرمان من دخول ملكوت المسيح يوم الدينونة عند النصارى كما تعتقد نصارى وهذا يشرحه ويوضحه الشعراني بقوله: “إن رجلا أنكر حضور مولد أحمد البدوي، فسلب الإيمان فلم تكن فيه شعرة تحن إلى دين الإسلام، فاستغاث بأحمد البدوي، فقال البدوي: بشرط أن لا تعود- أي لا تعود على إنكارك هذا المولد، فقال المريد: نعم، فرد عليه ثوب الإيمان” انتهى عياذا بالله تعالى.
إذًا إخواني في الله الطرد هو من أصل الإيمان والإسلام وهذا الذي جعل الكثير من عامة أتباع هذه الطرق الصوفية لا يتجرأ أن ينكر على شيخه مما هو فيه من المنكرات العظام والفواحش البينة خوفا من أن يطرد من الإسلام بهذه الحجج الخبيثة.
ننتقل الآن إلى: الديوان الصوفي.
فما هو هذا الديوان ؟
هو اجتماع يومي يتم بين أولياء الأموات منهم والأحياء، من مشارق الأرض ومغاربها ويقول الشعراني في كتابه الطبقات الكبرى ما لفظه: “ما من ولي لله صحت ولايته إلا ويحضر مكة في كل ليلة جمعة لا يتأخر عن ذلك” انتهى.
مكان الديوان: فغار حراء بمكة المكرمة.
وصف الديوان: يتكون من سبعة دوائر متحدة المركز ويطلق الدباغ وهو من أئمة الصوفية في كتابه اسما لكل دائرة فأصغر الدوائر قطرا تسمى الصف الأول ووصفها كالتالي: يجلس قطب الغوث في صدر الصف الأول وأربعة أقطاب عن يمينه وهؤلاء الخمسة طبعا مالكية المذهب -أي على المذهب المالكي-، وعن يساره ثلاثة أقطاب كل واحد منهم على مذهب من المذاهب الثلاثة والوكيل: أي وكيل الغوث في مواجهة الغوث وهو مالكي أيضا، لاحظوا -أخي في الله- لأن الدباغ هذا إمامهم مالكي المذهب ولذلك منح المالكية ستة مقاعد في الصف الأول في هذا الديوان الصوفي ولم يعطي بقية المذاهب الأخرى وهم الشافعية والأحناف والحنابلة إلا مقعد واحد لكل مذهب ولا شك أن العصبية المذهبية والتحيز للمالكية واضح في هذا الديوان الصوفي وكذلك فإن الغوث لا يتكلم في هذا الديوان الصوفي إلا مع الوكيل ولذلك سمي وكيلا لأنه ينوب عنه في الكلام مع جميع من في هذا الاجتماع.
موعد الاجتماع: فيتم يوميا وأحيانا أو جاء في بعض كتبهم أنه في كل ليلة جمعة ويتم في الثلث الأخير من الليل وهي ساعة استجابة الدعاء أو ساعة ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعتقدون.
لغة الاجتماع: السريانية لاختصارها كما يقولون وجمعها المعاني الكثيرة كما يزعمون ولأن الديوان يحضره الأرواح والملائكة والسريانية هي لغتهم ولا يتكلمون بالعربية أبدًا إلا إذا حضر النبي صلى الله عليه وسلم تأدبا معه فقط.
الغرض من الاجتماع في الديوان الصوفي: فهم يجتمعون ليتباحثوا عن قضاء الله تعالى في اليوم التالي والليلة التي تليه – عياذًا بالله تعالى- حيث أن لأصحاب هذا الديوان الصوفي حق التصرف في العوالم كلها العلوية والسفلية، فهم يتصرفون فيه وفي أهله وفي خواطرهم وما تهجس به ضمائرهم فلا يهجس في خاطر واحد منهم شيء في هذا الكون إلا بإذن أهل هذا الديوان – عياذًا بالله تعالى -.
أما عن كيفية اجتماع أهل الديوان: فينزل الأموات من البرزخ، يطيرون طيرانًا بطيران الروح، فإذا اقتربوا من موقع الديوان بنحو مسافة نزلوا إلى الأرض ومشوا على أرجلهم إلى أن يصيروا إلى الديوان، وحضورهم يكون بالروح لا بالجسد، والاجتماع السنوي في الديوان يحضره بزعمهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: مثل إبراهيم وموسى وغيرهم من الرسل، وموعده السنوي في ليلة القدر، كما يحضره من الملأ الأعلى الملائكة المقربين، وأزواج النبي –صلى الله عليه وسلم– وأكابر صحابته رضوان الله عليهم.
هذه عقائد تعتقدها الكثير من عقائد الصوفية، فلا يتعجب السامع.
ننتقل إلى أمر طريف، وأمر غريب في بابه:
الذكر الصوفي
ويكن تقسيمه إلى نوعين:
1. الذكر المنفرد.
2. والذكر الجماعي.
فالذكر المنفرد: يقوم الذكر الصوفي بالانفراد في مكان طاهر في بيته، يذكر الله تعالى حسب العدد الذي رتبه له شيخه في الطريقة، مبتدئًا بقراءة الفاتحة لشيخه مع استحضار صورة شيخه وهيبته في قلبه، ويضعه نصب عينيه، ثم يقرأ الفاتحة لشيخ شيخه ثم ينتقل بالفاتحة ويهديها للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم يبدأ الحضرة بالاستغفار بعدد مخصوص يحدده له شيخ الطريقة حسب القواعد المقررة في هذه الطريقة الخاصة، وكل مريد يبدأ أولاً بالاسم الأول، ثم يذكر الاسم الثاني وهكذا حتى يصل إلى آخر مرحلة وصل إليها في الطريقة ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة خاصة لكل طريقة تميزها عن غيرها، فمثلاً في الطريقة الخلوتية يصلي المريد على الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً : “اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله عدد كمال الله وكما يليق بكماله” اهـ ثم يدعو لنفسه ولإخوانه ولمشايخه بعد قراءة الفواتح بنفس الترتيب الذي بدأ به الحضرة.
أما النوع الثاني من الذكر فهو الذكر الجماعي
حيث لكل طريقة صوفية مجموعة من الحضرات الأسبوعية، تسمى(حضرة) في الأسبوع، يجتمع فيها المريدون مع شيخهم ليقرأوا الأفكار الخاصة بالطريقة، ثم يلتف المريدون حول الشيخ، فيحدثهم قليلاً عن الطريقة الخاصة بهم ، وعن كرامات شيخ الطريقة، وقد يختلف أسلوب الذكر من حضرة إلى أخرى داخل نفس الطريقة الصوفية الواحدة، وحسب الخليفة الذي يفتتح الحضرة، كما أن هناك أسلوبًا معينًا يصاحب الذكر يختلف باختلاف الطريقة، فذكر (لا إله إلا الله) يصاحبه حركة رأس المريد من أقصى اليمين ثم يتوجه الرأس إلى جهة القلب، وكأن المريد كما يقولون يصبّ أنوار الاسم في قلبه صبًا كما يزعمون، بينما ذكر لفظ الجلالة يكون مكرّرًا في الحضرة، كأن يقولون: الله ، الله ، الله ، الله يصاحبه حركة الرأس من أعلى وإلى الخلف، ثم يحرك الرأس كأنه يضرب الجسم إلى أسفل، إضافة إلى أن المريد في الطريقة يتلقى عن شيخه نطق كل اسم من أسماء الله تعالى بطريقة مخصوصة وبدرجات للصوت محددة في كل مرحلة من مراحل الحضرة، يعني: إذا تلفظ بلفظ الجلالة (الله) في كل طريقة يختلف درجة الصوت وحدة الصوت في كل طريقة وكذلك يختلف معدل الذكر من بدء الذكر بالاسم إلى نهاية الذكر. طبعًا كل هذا لم يأتي في كتاب الله ولم يثبت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن نحاول أن نستعرض بعض الأذكار الغريبة والشاذة لبعض الطرق الصوفية المشهورة بين المسلمين وأنا أرجو من الأخوة المستمعين ألا يضحكوا فإن هذا دين عند كثير من الناس يتقربون به إلى الله عزّ وجلّ، وأنا أكلم أو أحدث أخي المستمع أن يحمد الله على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما يسمع هذا الهراء الذي سوف أقوله بعد قليل.
وأول هذه الطرق الطريقة الجيلانية
حيث أنهم يستخدمون اللغة السريانية في بعض أذكارهم فمن الأسماء السريانية التي ابتكرها أتباع الجيلاني وأطلقوها على معبودهم ما جاء في (ورد الجلالة) المنسوب زورًا وبهتانًا للشيخ عبد القادر الجيلاني رحمة الله عليه ما نصّه: يقولون:”وأسألك الوصول بالسرّ الذي تدهش منه العقول، فهو من قربه ذاهل آيتْنُوخ يمْلُوخ باي وموناي ومنْ، مهباش الذي له ملك السموات والأرض” ثم يستطرد قائلاً “طه فلوش انقطع الرجاء إلا منك، وسدت الطرق إلا إليك، وخابت الآمال إلا فيك” اهـ
ثم يقرأ المريد الصوفي في هذه الطريقة باقي الأوراد والأذكار التي يخلط فيها بين ألفاظ اللغة السريانية وبين آيات القرآن الكريم، ومنها دعاؤهم الذي يقرأه المريد ويخلط فيه بين بعض الأسماء السريانية وبعض آيات من سورة الواقعة، فيقولون: “يا باسط يا غني فمهبوب في لطف خفي بصعصع بسهسهوب ذي العز الشامخ الذي له العظمة و الكبرياء بطهطهوب ذي القدرة والبرهان والعظمة والسلطااااان” اهـ ثم يستطرد بعد ذلك قائلاً “بحق سورة الواقعة وبحق فقج مخمت مفتاحٌ جبارٌ فردٌ معطي خير الرازقيييييين” اهـ
طبعًا أنا آتي بنفس أصواتهم ونفس حركاتهم
وهذا أقول موجود بين عربٍ أقحاح يدّعون الإسلام ويدّعون أنهم يعبدون الله عزّ وجلّ ، فنقول الحمد لله على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ننتقل الآن إلى الطريقة الدسوقية وإلى أذكارهم
حيث يقول الدسوقي في ورده الكبير المسمّى (الحزب الكبير) ما نصّه: “اللهم آمنّي من كل خوفٍ وهمٍ وغم وكرب، كدد كدد كردد كردد كردد كردد كردة دة دة دة دة دة دة الله ربّ العزة” اهـ
أما الطريقة البرهانية فيقولون في وردهم (الحزب الصغير) ما نصه : “احمي حميئًا اطمي طميئًا وكان الله قويًا عزيزًا” وفي نفس الحزب يقول المريد:” بها بها بها بهية بهية بهية بهية بهيات بهيات بهيات القديم الأزلي يخضع لي كل من يراني لمقٌ فنجل يا أرض خذيهم قل كونوا حجارة أو حديدًا وقفوهم إنهم مسؤولون ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم، طهورٌ بدعقٌ محببةٌ صورةٌ محببةٌ سقفاطيس أحاون آدم حم هآآآآآآ آمين” اهـ
أما الطريقة الشاذلية فيقولون في أورادهم كما في كتاب (دليل الخيرات) ما يلي:
يا الله يوه واه هو ياهو يا من هو أنت، أنت هو يوه، هو ياهو ، هو يا جليل يا هو يا من لا إله إلا هو أنت هو” اهـ
أما الطريقة الفاسية
فيمزج أصحاب هذه الطريقة الفاسية الآيات القرآنية بعقيدة وحدة الوجود، إضافة إلى أنهم يضيفون الألفاظ السريانية، فيقولون في وردهم: “اللهم صلّ على كلمتك العليا من حيث الاختراع والابتداع وعروتك الوثقى من حيث تتابع الاتباع وحبلك المعتصم عند الضيق والاتساع، وصراطك المستقيم للهداية والاتباع ألم~ حم~ آآآآدم حم قاف طا سين ميم محمد رسول الله والذين آمنوا آحاون ودوو طه ياسين قاف نون والقلم وما يسطرون اللهم صلّ على المتخلق بصفاتك المستغرق في مشاهدة ذاتك الحق المتخلق بالحق حقيقة الحق أحق هو قل إي وربي إنه لحق”اهـ
وللطريقة القادرية أوراد وأحزاب كما هو شأن كل الطرق الصوفية، ومن الأذكار الخاصة بالطريقة القادرية حزب اسمه غريب، هذا الحزب يسمى حزب (المُح) ويقولون فيه: “محن محن محن وحا بح حم لا ينصروووون” اهـ
طبعًا هذه الكلمات التي لا نعرف معناها”محن محن محن وحا بح حم لا ينصروووون” يعتقدون في أن من قرأه صباحًا ومساءً ثلاث مرات لا يضره شيء بإذن الله تعالى – عياذًا بالله من هذا الضلال –
أما الطريقة الشاذلية فتميزت بكثرة الأحزاب والأوراد، وأنها من وضع شيخ الطريقة نفسه حيث وضع الشيخ أبو الحسن الشاذلي أحزابًا كثيرة منها حزب البحر وحزب البرّ وحزب النصر وحزب اللطف وحزب الخفاء وحزب الفتح وغير ذلك، وأتباع الطريقة الشاذلية يعرفون هذه الأحزاب جيدًا ، وحزبه المعروف بحزب البحر ويسمى أيضًا (الحزب الصغير) يعدّ من أشهر الأحزاب الصوفية كتبه كما يقولون وهو في البحر في السنة التي استولى فيها المغول على مدينة بغداد، وحُكي عن شيخهم أنه قال: “لو تُلي حزب البحر على بغداد لما سقطت” عياذًا بالله
ومما يقوله في حزب البحر- لا حظ أن أوله أسماء من أسماء الله ثم يختم بأشياء غريبة- : “يا الله يا علي يا عظيم يا حليم يا عليم، أنت ربي وعليك حسبي فنعم الرب ربي ونعم الحسب حسبي ” إلى قوله “نسألك العصمة في الحركات والسكنات والكلمات والإرادات والخطرات من الشكوك والظنون والأوهام الساترة للقلوب عن مطالعة الغيوب، فقد اُبتلي المؤمنون وزُلزلوا زلزالاً شديدًا ليقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا ، وسخّر لنا هذا البحر كما سخرت البحر لموسى عليه السلام وسخر لنا كل بحر هو لك في الأرض والسماء والملك والملكوت وبحر الدنيا وبحر الآخرة وسخر لنا كل شيء يا من بيده كل شيء كهيعص كهيعص
انصرنا فإنك خير الناصرين ، ولو نشاء لطمسنا على أعينهم وعنت الوجوه للحي القيوم طس حم عسق مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان حم حم حم حم حم حم حم حم حم حميييييييييييم الأمر وجاء النصر فعلينا لا يُنصرون حم تنزيل الكتاب بسم الله بابنا تبارك حيطاننا طهيعص كفايتنا” اهـ
هذا الحزب الذي يقول فيه شيخهم: “لو تُلي حزب البحر على بغداد لما سقطت” عياذًا بالله تعالى من هذا الضلال
نتكلم الآن عن الصوفية والزواج:
فكثير من أهل التصوف يزهدون فيما أحلّ الله من الزواج وتكثير الأبناء وهذا خلاف ما عليه السنة المطهرة، فينقل الطوسي والعطار عن إبراهيم بن أدهم أنه قال: “إذا تزوج الفقير –أي الصوفي- فمثله مثل رجل قد ركب السفينة فإذا وُلد له ولد فقد غرق” اهـ كما نقل السهروردي عنه أنه قال: “من تعوّد أفخاذ النساء لا يُفلح” ونقل أبو طالب المكي وهو من أعلام الصوفية البارزين عن قطب من أقطاب الصوفية أنه قال: “من تزوج فقد ركن إلى الدنيا” وكذلك نقل السهروردي في كتابه عوارف المعارف الذي هو أشهر كتاب في التصوف عن أبي سليمان الداراني أنه قال: “ما رأيت أحدًا من أصحابنا – أي من طريقتنا – تزوج فثبت على مرتبته” أي على مرتبة الولاية عياذًا بالله تعالى، ونقل المكي عن سيد الطائفة وهو الجنيد البغدادي أنه قال: “أحب للمريد أي الصوفي المبتدي أن لا يشغل قلبه بالتزوج” كما نقل عن بعض أقطاب المتصوفة أنه قال: “إياكم والاستمتاع بالنساء والميل إليهن فإن النساء مبعدات عن الحكمة قريبات من الشيطان وهي مصائده وحظه من بني آدم، فمن عطف إليهن بكليته فقد عطف على حظّ الشيطان ومن حاد عنهن يئس منه وما مال الشيطان إلى أحد كميله إلى من استرقّ للنساء وإن الشرّ معهن حيث كنّ فإذا رأيتم في وقتكم من قد ركن إليهن فايأسوا منه” اهـ ونقل سواد الدين أبو حفص عمر بن علي المصري عن أحد كبار الصوفية أنه قال: “ما تزوج أحدٌ من أصحابنا إلا تغير” ونقل الشعراني عن رباح بن عمرو القيسي أنه قال:”لا يبلغ الرجل منازل الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة وأولاده كأنهم أيتام ويأوي إلى منازل الكلاب” اهـ عياذًا بالله
إخواني في الله كل هذا خلاف ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم أمته حيث قال صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري ومسلم: ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((حبب إليَّ من الدنيا الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة))، وعن أبي ذر رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((وفي بضع أحدكم صدقة))، قالوا: يا رسول الله يأتي أحدنا شهوته ويكون فيها له أجر، قال عليه الصلاة والسلام: ((أفرأيتم لو وضعه في الحرام هل عليه وزر ؟ قالوا: نعم، فقال: ((كذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)) فهذا حكم الزواج إخواني في الله كما جاءت به تعاليم الشريعة الإسلامية المستقاة من أصلين أساسيين لشرع الله وهما كتاب الله عز وجل وسنة المعصوم صلى الله عليه وسلم وتلك هي أقوال الصوفية التي لم يأخذوها من هذا المورد العذب والمنهل الصافي بل أخذوها من الكهنة والبوذية ورهبان النصارى الذين ابتعدوا عن منهاج النبوة ونور الرسالات السماوية.
أما إن أردنا أن نتكلم عن الصوفية الجهاد في سبيل الله أقول إخواني في الله قد تربى المسلمون الأوائل تربية جهادية فريدة فهم مستعدون دائما لمفاولة الكفر والباطل والدفاع عن الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهم بذلك ينفذون سنن الله تعالى فالشر لابد من دفعه بالخير والكفر لابد أن يدفع بالإيمان والتوحيد وإلا فسدت الأرض، وكان علماء السلف يرابطون في الثغور للحصول على فضيلة الجهاد مثل الإمام المجاهد عبد الله بن المبارك رحمة الله عليه وقصة ما كتبه ابن المبارك في الفضيل بن العياض يعاتبه فيها على تفرغه للعبادة في مكة وعدم مشاركته في حماية الثغور والحدود الإسلامية – هي قصة مشهورة- فما هو موقف الصوفية من هذا الموضوع المهم إخواني في الله ؟
حتى يتبين لنا هذا لابد من الوقوف على بعض أقوالهم وأفعالهم ومنها أن أبا حامد الغزالي ألف كتابه (إحياء علوم الدين) في فترة سيطر فيها الصليبيون على بلاد الشام وتذكر المؤلف كل شيء عن أعمال القلوب ولم يتذكر أن يكتب فصلا عن الجهاد في سبيل الله في الوقت الذي كانت الأمة أحوج ما تكون إلى هذه الفريضة العظيمة ألا وهي الجهاد في سبيل الله ومقارعة من كفر بالله وتعدى على محارم المسلمين كذلك فإن كثيرًا من الصوفية يستشهدون دائمًا بحديث ليس له أصل ويظنون أنه من كلام سيد البشر صلى الله عليه وسلم على عادة الصوفية في ذكرهم واعتمادهم على الأحاديث الضعيفة وهو قولهم: ((رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر)) ، ويعنون بالجهاد الأصغر القتال في سبيل الله، والجهاد الأكبر جهاد النفس، وهذا الكلام ليس من هدي النبوة ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيءٌ من هذا كما أن فيه مغالطة واضحة وأيُّ جهاد أعظم من تقديم المسلم نفسه في سبيل الله، وقولهم هذا ما هو إلا محاولة الهروب من تَبِعة القتال في سبيل الله بل هو صرف للمسلمين عن هذا العمل العظيم.
أما في العصر الحديث فعندما استولت بريطانيا وفرنسا على أكثر بلاد المسلمين كانت بعض الطرق والفرق الصوفية غارقة في أذكارها وكأن شيئًا لم يكن بل كان يقام للمعتمد البريطاني المستعمر لدى:
 سوريا: حفلة ذكر على الطريقة المولوية يدعوه إليها الشيخ هاشم العيطه شيخ الطريقتي السعدية والبدرية حيث تنشد الأناشيد ابتهاجا بهذا المستعمر البريطاني المستعمر.
 أما في الجزائر: فقد كانت فرنسا تشجع الطرق الصوفية وتسمح لهم بإقامة أذكارهم والخروج في أعيادهم بالطبول والرايات ولذلك أول عمل قام به باعث النهضة الإسلامية في الجزائر في هذا العصر الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمة الله عليه هو محاربة الطرق الصوفية أثناء تفسيره للقرآن الكريم في الجامع الكبير.
 أما في الهند: وبعد الثورة المشهورة التي قام بها المسلمون ضد الانجليز في عام 1857م كتب أحمد رضا مؤسس الطريقة البرلوية رسالة مستقلة باسم “إعلان الأعلام بأن هندوستان دار الإسلام” ووصفه لبلاد الهند أنها دار الإسلام فهو خدمة لبريطانيا المستعمرة حتى لا يقام الجهاد ضد الكفرة حتى قال بعد ذلك بصراحة: “بأنه لا جهاد علينا مسلمي الهند بنصوص القرآن العظيم ومن يقول بوجوبه فإنه مخالف للمسلمين ويريد إضرارهم” انتهى كلامه.
ولذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن الصوفية: “وأما الجهاد فغالب عليهم – أي الصوفية – أنهم أبعد من غيرهم حتى نجد من عوام المؤمنين من الحب للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحب والتعظيم لأمر الله والغضب والغيرة لمحارم الله ما لا يوجد فيهم – أي الصوفية- حتى أن كثير منهم يعدون ذلك –أي الجهاد- نقص في طريق الله وعيب” انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
وبعد هذا الاستعراض أخواني في الله لبعض أقوالهم وأفعالهم نستطيع أن نقرر أن التربية الصوفية بطبيعتها بعيدة عن فكرة الجهاد والقتال لأنها تعتبر الرياضات الروحية هي الأصل والأساس وهذه الرياضات لا تنتهي إلا إذا وصل أحدهم إلى مرحلة الفناء وإذا فنى الصوفي في الله كما يقولون فكيف يجاهد؟ أو كيف يرفع سيفا في وجه أعداء الله ورسوله طبعا أنا أتكلم عن الصفة الغالبة عليهم وإلا فقد يوجد منهم من له مشاركة في دفع الظالمين ومحاربة أعداء الله تعالى ولكنهم القلة القليلة والله أعلم.
وأخيرًا أقول إخواني في الله إن التصوف ما هو إلا انحراف عن المنهج الرباني الذي جاء به رسولنا صلى الله عليه وسلم من اتباع الكتاب والسنة ثم زاد هذا الانحارف عندما اختلط التصوف بالفلسفات الهندية واليونانية والرهبانية النصرانية في العصور المتأخرة وازداد الأمر سوءً عندما أصبحت الصوفية تجارة للمشعوذين والدجالين ممن قلة بضاعتهم في العلم الشرعي ولهذا فإن أعداء الإسلام يحاولون دائمًا أن يشوهوا الإسلام من الداخل من خلال التصوف وذلك ليقضوا على صفاء عقيدة التوحيد التي يمتاز بها الإسلام ويجعل المسلمون يركنون إلى السلبية حتى لا تقوم لهم قائمة هذا وأسأل الله العلي القدير التوفيق للجميع كما أسأله سبحانه وتعالى أن يهدي ضال المسلمين وأن يعيدهم إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وأن يبصرهم بهذه العقائد الضالة المنحرفة حتى يحذروا منها فلا يقعوا فيها كما أسأله بجوده وكرمه أن يتوافانا على التوحيد شهداء في سبيله إنه جواد كريم والحمد لله رب العالمين.

النَّوَويَّة للإِمام النَّوَوي

29/03/2010 Komentar dimatikan

بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏ يحيى بن شرف النّووي ‏.‏ (1)
نسَبُه‏:‏
هو الإِمام الحافظ شيخ الإسلام محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مُرِّي بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حِزَام، النووي نسبة إلى نوى، وهي قرية من قرى حَوْران في سورية، ثم الدمشقي الشافعي، شيخ المذاهب وكبير الفقهاء في زمانه‏.‏
مَوْلدُه ونشأته‏:‏
ولد النووي رحمه اللّه تعالى في المحرم من 631 هـ في قرية نوى من أبوين صالحين، ولما بلغ العاشرة من عمره بدأ في حفظ القرآن وقراءة الفقه على بعض أهل العلم هناك، وصادف أن مرَّ بتلك القرية الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي، فرأى الصبيانَ يُكرِهونه على اللعب وهو يهربُ منهم ويبكي لإِكراههم ويقرأ القرآن، فذهب إلى والده ونصحَه أن يفرّغه لطلب العلم، فاستجاب له‏.‏ وفي سنة 649 هـ قَدِمَ مع أبيه إلى دمشق لاستكمال تحصيله العلمي في مدرسة دار الحديث، وسكنَ المدرسة الرواحية، وهي ملاصقة للمسجد الأموي من جهة الشرق‏.‏ وفي عام 651 هـ حجَّ مع أبيه ثم رجع إلى دمشق‏.‏
حَيَاته العلميّة‏:‏
تميزت حياةُ النووي العلمية بعد وصوله إلى دمشق بثلاثة أمور‏:‏
الأول‏:‏ الجدّ في طلب العلم والتحصيل في أول نشأته وفي شبابه، وقد أخذ العلم منه كلَّ مأخذ، وأصبح يجد فيه لذة لا تعدِلُها لذة، وقد كان جادّاً في القراءة والحفظ، وقد حفظ التنبيه في أربعة أشهر ونصف، وحفظ ربع العبادات من المهذب في باقي السنة، واستطاع في فترة وجيزة أن ينال إعجاب وحبَّ أستاذه أبي إبراهيم إسحاق بن أحمد المغربي، فجعلَه مُعيد الدرس في حلقته‏.‏ ثم درَّسَ بدار الحديث الأشرفية، وغيرها‏.‏
الثاني‏:‏ سعَة علمه وثقافته، وقد جمع إلى جانب الجدّ في الطلب غزارة العلم والثقافة المتعددة، وقد حدَّثَ تلميذُه علاء الدين بن العطار عن فترة التحصيل والطلب، أنه كان يقرأ كلََّ يوم اثني عشر درساً على المشايخ شرحاً وتصحيحاً، درسين في الوسيط، وثالثاً في المهذب، ودرساً في الجمع بين الصحيحين، وخامساً في صحيح مسلم، ودرساً في اللمع لابن جنّي في النحو، ودرساً في إصلاح المنطق لابن السكّيت في اللغة، ودرساً في الصرف، ودرساً في أصول الفقه، وتارة في اللمع لأبي إسحاق، وتارة في المنتخب للفخر الرازي، ودرساً في أسماء الرجال، ودرساً في أصول الدين، وكان يكتبُ جميعَ ما يتعلق بهذه الدروس من شرح مشكل وإيضاح عبارة وضبط لغة‏.‏
الثالث‏:‏ غزارة إنتاجه، اعتنى بالتأليف وبدأه عام 660 هـ، وكان قد بلغ الثلاثين من عمره، وقد بارك اللّه له في وقته وأعانه، فأذابَ عُصارة فكره في كتب ومؤلفات عظيمة ومدهشة، تلمسُ فيها سهولةُ العبارة، وسطوعَ الدليل، ووضوحَ الأفكار، والإِنصافَ في عرض أراء الفقهاء، وما زالت مؤلفاته حتى الآن تحظى باهتمام كل مسلم، والانتفاع بها في سائر البلاد‏.‏
ويذكر الإِسنوي تعليلاً لطيفاً ومعقولاً لغزارة إنتاجه فيقول‏:‏ ‏”‏اعلم أن الشيخ محيي الدين رحمه اللّه لمّا تأهل للنظر والتحصيل، رأى في المُسارعة إلى الخير؛ أن جعل ما يحصله ويقف عليه تصنيفاً، ينتفع به الناظر فيه، فجعل تصنيفه تحصيلاً، وتحصيله تصنيفاً، وهو غرض صحيح، وقصد جميل، ولولا ذلك لما تيسر له من التصايف ما تيسر له‏”‏‏.‏
ومن أهم كتبه‏:‏
شرح صحيح مسلم‏”‏ و‏”‏المجموع‏”‏ شرح المهذب، و‏”‏رياض الصالحين‏”‏، و‏”‏تهذيب الأسماء واللغات‏”‏، ‏”‏والروضة روضة الطالبين وعمدة المفتين‏”‏، و‏”‏المنهاج‏”‏ في الفقه و ‏”‏الأربعين النووية‏”‏، و‏”‏التبيان في آداب حَمَلة القرآن‏”‏، والأذكار ‏”‏حلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص الدعوات والأذكار المستحبّة في الليل والنهار‏”‏، و‏”‏الإِيضاح‏”‏ في المناسك‏.‏
شيوخه‏:‏
شيوخه في الفقه‏:‏
1ـ عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري، تاج الدين، عُرف بالفِرْكاح، توفي سنة 690 هـ‏.‏
-2ـ إسحاق بن أحمد المغربي، الكمال أبو إبراهيم، محدّث المدرسة الرواحيّة، توفي سنة 650 هـ‏.‏
-3ـ عبد الرحمن بن نوح بن محمد بن إبراهيم بن موسى المقدسي ثم الدمشقي، أبو محمد، مفتي دمشق، توفي سنة 654 هـ‏.‏
-4ـ سلاَّر بن الحسن الإِربلي، ثم الحلبي، ثم الدمشقي، إمام المذهب الشافعي في عصره، توفي سنة 670 هـ‏.‏
شيوخه في الحديث‏:‏
1ـ إبراهيم بن عيسى المرادي، الأندلسي، ثم المصري، ثم الدمشقي، الإِمام الحافظ، توفي سنة 668 هـ‏.‏
-2ـ خالد بن يوسف بن سعد النابلسي، أبو البقاء، زين الدين، الإِمام المفيد المحدّث الحافظ، توفي سنة 663 هـ‏.‏
-3ـ عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن الأنصاري، الحموي، الشافعي، شيخ الشيوخ، توفي سنة 662 هـ‏.‏
-4ـ عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قُدامة المقدسي، أبو الفرج، من أئمة الحديث في عصره، توفي سنة 682 هـ‏.‏
-5ـ عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد الحرستاني، أبو الفضائل، عماد الدين، قاضي القضاة، وخطيب دمشق‏.‏ توفي سنة 662 هـ‏.‏
-6ـ إسماعيل بن أبي إسحاق إبراهيم بن أبي اليُسْر التنوخي، أبو محمد تقي الدين، كبير المحدّثين ومسندهم، توفي سنة 672 هـ‏.‏
-7ـ عبد الرحمن بن سالم بن يحيى الأنباري، ثم الدمشقي الحنبلي، المفتي، جمال الدين‏.‏ توفي سنة 661 هـ‏.‏
ومنهم‏:‏ الرضي بن البرهان، وزين الدين أبو العباس بن عبد الدائم المقدسي، وجمال الدين أبو زكريا يحيى بن أبي الفتح الصيرفي الحرّاني، وأبو الفضل محمد بن محمد بن محمد البكري الحافظ، والضياء بن تمام الحنفي، وشمس الدين بن أبي عمرو، وغيرهم من هذه الطبقة‏.‏
شيوخه في علم الأصول‏:‏
أما علم الأصول، فقرأه على جماعة، أشهرهم‏:‏ عمر بن بندار بن عمر بن علي بن محمد التفليسي الشافعي، أبو الفتح‏.‏ توفي سنة 672 هـ‏.‏
شيوخه في النحو واللغة‏:‏
وأما في النحو واللغة، فقرأ على‏:‏
الشيخ أحمد بن سالم المصري النحوي اللغوي، أبي العباس، توفي سنة 664 هـ‏.‏
والفخر المالكي‏.‏
والشيخ أحمد بن سالم المصري‏.‏
مسموعاته‏:‏
سمع النسائي، وموطأ مالك، ومسند الشافعي، ومسند أحمد بن حنبل، والدارمي، وأبي عوانة الإِسفراييني، وأبي يعلى الموصلي، وسنن ابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي، وشرح السنّة للبغوي، ومعالم التنزيل له في التفسير، وكتاب الأنساب للزبير بن بكار، والخطب النباتية، ورسالة القشيري، وعمل اليوم والليلة لابن السني، وكتاب آداب السامع والراوي للخطيب البغدادي، وأجزاء كثيرة غير ذلك‏.‏
تلاميذه‏:‏
وكان ممّن أخذ عنه العلم‏:‏ علاء الدين بن العطار، وشمس الدين بن النقيب، وشمس الدين بن جَعْوان، وشمس الدين بن القمَّاح، والحافظ جمال الدين المزي، وقاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، ورشيد الدين الحنفي، وأبو العباس أحمد بن فَرْح الإِشبيلي، وخلائق‏.‏
أخلاقُهُ وَصفَاتُه‏:‏
أجمعَ أصحابُ كتب التراجم أن النووي كان رأساً في الزهد، وقدوة في الورع، وعديم النظير في مناصحة الحكام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويطيب لنا في هذه العجالة عن حياة النووي أن نتوقف قليلاً مع هذه الصفات المهمة في حياته‏:‏
الزهد‏:‏
تفرَّغَ الإِمام النووي من شهوة الطعام واللباس والزواج، ووجد في لذّة العلم التعويض الكافي عن كل ذلك‏.‏ والذي يلفت النظر أنه انتقل من بيئة بسيطة إلى دمشق حيث الخيرات والنعيم، وكان في سن الشباب حيث قوة الغرائز، ومع ذلك فقد أعرض عن جميع المتع والشهوات وبالغ في التقشف وشظف العيش‏.‏
الورع‏:‏
وفي حياته أمثلة كثيرة تدلُّ على ورع شديد، منها أنه كان لا يأكل من فواكه دمشق، ولما سُئل عن سبب ذلك قال‏:‏ إنها كثيرة الأوقاف، والأملاك لمن تحت الحجر شرعاً، ولا يجوز التصرّف في ذلك إلا على وجه الغبطة والمصلحة، والمعاملة فيها على وجه المساقاة، وفيها اختلاف بين العلماء‏.‏ ومن جوَّزَها قال‏:‏ بشرط المصلحة والغبطة لليتيم والمحجور عليه، والناس لا يفعلونها إلا على جزء من ألف جزء من الثمرة للمالك، فكيف تطيب نفسي‏؟‏‏.‏ واختار النزول في المدرسة الرواحيّة على غيرها من المدارس لأنها كانت من بناء بعض التجّار‏.‏
وكان لدار الحديث راتب كبير فما أخذ منه فلساً، بل كان يجمعُها عند ناظر المدرسة، وكلما صار له حق سنة اشترى به ملكاً ووقفه على دار الحديث، أو اشترى كتباً فوقفها على خزانة المدرسة، ولم يأخذ من غيرها شيئاً‏.‏ وكان لا يقبل من أحد هديةً ولا عطيّةً إلا إذا كانت به حاجة إلى شيء وجاءه ممّن تحقق دينه‏.‏ وكان لا يقبل إلا من والديه وأقاربه، فكانت أُمُّه ترسل إليه القميص ونحوه ليلبسه، وكان أبوه يُرسل إليه ما يأكله، وكان ينام في غرفته التي سكن فيها يوم نزل دمشق في المدرسة الرواحية، ولم يكن يبتغي وراء ذلك شيئاً‏.‏
مُناصحَتُه الحُكّام‏:‏
لقد توفرت في النووي صفات العالم الناصح الذي يُجاهد في سبيل اللّه بلسانه، ويقوم بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو مخلصٌ في مناصحته وليس له أيّ غرض خاص أو مصلحة شخصية، وشجاعٌ لا يخشى في اللَّه لومة لائم، وكان يملك البيان والحجة لتأييد دعواه‏.‏
وكان الناسُ يرجعون إليه في الملمّات والخطوب ويستفتونه، فكان يُقبل عليهم ويسعى لحلّ مشكلاتهم، كما في قضية الحوطة على بساتين الشام‏:‏
لما ورد دمشقَ من مصرَ السلطانُ الملكُ الظاهرُ بيبرسُ بعد قتال التتار وإجلائهم عن البلاد، زعم له وكيل بيت المال أن كثيراً من بساتين الشام من أملاك الدولة، فأمر الملك بالحوطة عليها، أي بحجزها وتكليف واضعي اليد على شيءٍ منها إثبات ملكيته وإبراز وثائقه، فلجأ الناس إلى الشيخ في دار الحديث، فكتب إلى الملك كتاباً جاء فيه‏:‏ ‏”‏وقد لحق المسلمين بسبب هذه الحوطة على أملاكهم أنواعٌ من الضرر لا يمكن التعبير عنها، وطُلب منهم إثباتٌ لا يلزمهم، فهذه الحوطة لا تحلّ عند أحد من علماء المسلمين، بل مَن في يده شيء فهو ملكه لا يحلّ الاعتراض عليه ولايُكلَّفُ إثباته‏”‏ فغضب السلطان من هذه الجرأة عليه وأمر بقطع رواتبه وعزله عن مناصبه، فقالوا له‏:‏ إنه ليس للشيخ راتب وليس له منصب‏.‏ ولما رأى الشيخ أن الكتاب لم يفِدْ، مشى بنفسه إليه وقابله وكلَّمه كلاماً شديداً، وأراد السلطان أن يبطشَ به فصرف اللَّه قلبَه عن ذلك وحمى الشيخَ منه، وأبطلَ السلطانُ أمرَ الحوطة وخلَّصَ اللَّه الناس من شرّها‏.‏
وَفَاته‏:‏
وفي سنة 676 هـ رجع إلى نوى بعد أن ردّ الكتب المستعارة من الأوقاف، وزار مقبرة شيوخه، فدعا لهم وبكى، وزار أصحابه الأحياء وودّعهم، وبعد أن زار والده زار بيت المقدس والخليل، وعاد إلى نوى فمرض بها وتوفي في 24 رجب‏.‏ ولما بلغ نعيه إلى دمشق ارتجّت هي وما حولها بالبكاء، وتأسف عليه المسلمون أسفاً شديداً، وتوجّه قاضي القضاة عزّ الدين محمد بن الصائغ وجماعة من أصحابه إلى نوى للصلاة عليه في قبره، ورثاه جماعة، منهم محمد بن أحمد بن عمر الحنفي الإِربلي، وقد اخترت هذه الأبيات من قصيدة بلغت ثلاثة وثلاثين بيتاً‏:‏
عزَّ العزاءُ وعمَّ الحادث الجلل * وخاب بالموت في تعميرك الأمل
واستوحشت بعدما كنت الأنيس لها * وساءَها فقدك الأسحارُ والأصلُ
وكنت للدين نوراً يُستضاء به * مسدَّد منك فيه القولُ والعملُ
زهدتَ في هذه الدنيا وزخرفها * عزماً وحزماً ومضروب بك المثل
أعرضت عنها احتقاراً غير محتفل * وأنت بالسعي في أخراك محتفل
وهكذا انطوت صفحة من صفحات عَلَمٍ من أعلاَم المسلمين، بعد جهاد في طلب العلم، ترك للمسلمين كنوزاً من العلم، لا زال العالم الإسلامي يذكره بخير، ويرجو له من اللَّه تعالى أن تناله رحماته ورضوان‏.‏
رحم اللّه الإِمام النووي رحمة واسعة، وحشره مع الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وجمعنا به تحت لواء سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم‏.‏